أخر الأخبار

الأحد، 11 سبتمبر 2016

فجوة الأجور بين الجنسين في بريطانيا: المرأة أقل أجرا رغم تفوقها على الرجل في الدراسة والأمهات يدفعن ثمن الإنجاب 


تقرير: ريما شري
Sep 10, 2016


«إن التنمية التامة والكاملة لبلد ما، ورفاهية العالم وقضية السلم، تتطلب جميعها أقصى مشاركة ممكنة، من جانب المرأة على قدم المساواة مع الرجل، في جميع الميادين».
(اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة – ديسمبر 1979 – الجمعية العامة للأمم المتحدة.)
بعد مرور أكثر من أربعة عقود على دخول قانون المساواة في الأجور حيز التنفيذ، وعلى الرغم من تفوق المرأة على الرجل في مجال التعليم الجامعي، تشير أحدث الإحصاءات أن هناك فجوة بنسبة 24٪ في متوسط الرواتب السنوية بين النساء والرجال في المملكة المتحدة. وتشير بيانات رسمية حديثة إلى أن المرأة في بريطانيا تحصل في المتوسط على 0.8 جنيه استرليني (1.22 دولار) مقابل كل جنيه (1.53دولار) يحصل عليه الرجل. واستنادا إلى أرقام مكتب الإحصاءات الوطنية (ONS)، كان هناك نمو أسرع لرواتب الرجال بمعدل 1.6٪ مقارنة مع 1.4٪ للنساء لغاية شهر إبريل من عام 2015. وترى نيكي مورجن وزيرة المرأة والمساواة أن هذه الأرقام «لابد أن تفزعنا.. وهي دليل على التمييز بين الجنسين في كل جوانب مجتمعنا». ووفقا لتحليل أجرته شركة التوظيف روبرت هاف، يقدر أن سد الفجوة في الأجور بين الجنسين سيؤدي الى زيادة 80 مليار باوند على راتب النساء في المملكة المتحدة.
وبحسب لجنة المساواة وحقوق الإنسان (EHRC) فأنه لا يتم الأخذ بعين الإعتبار نجاح المرأة وتفوقها على الرجل في مجال التعليم في مكان العمل، وعليه، فإن العديد من العاملات يكسبن أقل من الرجال حتى لو درسن نفس المجال.
وقالت اللجنة أن رواتب الخريجات الجدد تبدأ بـ 15،000 £، ولا تصل إلى 24،000 £، في حين أنه من المرجح أن يدفع أكثر من 24،000 £ لنظرائهن من الرجال، بحسب البحث الذي نشر في ايار/ مايو من هذا العام. وسجلت أكبر فجوة في مجال المحاماة، حيث تبين أن النساء يتقاضين بشكل عام في جميع أنحاء البلاد أقل من الرجال. كما كشف البحث أن النساء ممثلات تمثيلا ضعيفا في القطاع الصناعي والوظائف العليا ويشكلن معظم القوى العاملة في وظائف منخفضة الأجر. وفي هذا الشأن، تقول لورا كارستنسن، مفوضة لجنة المساواة وحقوق الإنسان: «في عالمنا اليوم لا ينبغي أن تواجه النساء هذا النوع من الظلم، وخصوصا عندما تظهر البيانات مرة بعد مرة أن الفتيات والنساء يتفوقن على الرجال في كل مرحلة من مراحل التعليم. وتضيف كارستنسن: «يقدم بحثنا أدلة واضحة على أن الحواجز الاقتصادية والاجتماعية القديمة لا تزال سائدة وتعمل ضد حق المرأة في فرص عمل وأجور مساوية للرجل». وتجدر الإشارة أن هذه النتائج تتناقض مع بيانات من مكتب الاحصاءات الوطنية التي كشفت بأن للعمال الذين تتراوح أعمارهم بين 22-29 سنة، فإن الفجوة في الأجور بين الجنسين هي في الواقع لصالح العاملات حيث يتقاضين 0.8٪ أكثر من نظرائهن الرجال. كما وحققت المملكة المتحدة تقدما في بعض النواحي المتعلقة بالمساواة بين الجنسين في العمل، وفقا لبحث منفصل نشر في شهر اذار/مارس من هذا العام وأظهر أن المملكة رفعت من شأن دور االنساء في العمل. وعلى الصعيد العالمي، تجدر الإشارة إلى أن الفجوة بين الجنسين فيما يخص العمل قد انخفضت فقط بـ 0.6 في المئة بين عامي 1995 و2015، بحسب تقرير منظمة العمل الدولية لعام 2016.
نظرية خاطئة
أشارت دراسة هذا الأسبوع أن نظرية أن العاملات من النساء يحصلن على رواتب أقل من الرجال بسبب عدم تجرأهن على المطالبة بأجر أعلى في مكان العمل ليست صحيحة.
ومن المرجح أن النساء كما الرجال، يطالبن بزيادة الأجور – ولكن هن أقل عرضة للحصول عليه، بحسب الدراسة. وأجرت الدراسة كاس بيزنس سكول وجامعة وارويك وويسكونسن على 4600 عامل وعاملة. وركزت الدراسة على مقارنة بين العاملين والعاملات، وتبين أن الرجال هم 25٪ أكثر احتمالا للحصول على زيادة في الرواتب عند مطالبتهم بها. وأظهر البحث أيضا انه لا يوجد دليل لفكرة أن العاملات يترددن في طلب زيادة الراتب كونهن أكثر حذرا من اغضاب مديرهن. وقال أندرو أوزوالد، أستاذ الاقتصاد والعلوم السلوكية في جامعة وارويك، انه فوجئ بالنتائج، مضيفا: «حقيقة أن النساء لا يسألن عن زيادة في الأجور كما الرجال هي نظرية شائعة. ولكن جميع الأدلة تثبت عكس ذلك، لذلك من الصعب جدا علميا اختبار ذلك بدقة».
وبرر هذه الأرقام باعتقاده أن الرجال الذين يتقدمون بطلب زيادة أجرهم، ولا يحصلون عليه، يحتفظون بهذا لأنفسهم، في حين أن «النساء هن أكثر وضوحا وأكثر إفصاحا عن ذلك». وخلص أوزوالد إلى القول: «بعد هذه النتائج، أعتقد أن علينا الإعتراف بأن هناك بعض التمييز العنصري ضد المرأة في مجال العمل».
الفجوة تتسع بعد الإنجاب
بحسب جمعية فاوست، وهي منظمة تدافع عن حقوق المرأة، فإن إتساع الفجوة في الاجور بين الجنسين سببه الإنجاب. وتقول الرئيسة التنفيذية للجمعية سام سملثرس أن المرأة لا تحصل على راتب عادل بعد انجابها وأن «علينا أن نسهل على الرجال تبادل الرعاية، وخلق المرونة في العمل وفتح مزيد من الأدوار العليا من الوظائف للسيدات، بدلا من التمييز ضد المرأة في مجال العمل بعد إنجابها».
ويقول الأمين العام لمؤتمر نقابات العمال البريطانية: «نحن في حاجة الى مزيد من وظائف بدوام جزئي، وإجازة للآباء أفضل أجرا ورعاية بعد انتهاء إجازة الأمومة لمساعدة الأمهات على العودة إلى العمل بعد إنجاب الأطفال».
ولا تزال السيدات اللائي يعدن إلى العمل بدوام جزئي بعد الولادة يتقاضين رواتب أقل من الرجال لسنوات عديدة بعد ذلك، بحسب تقرير أعده معهد الدراسات المالية في بريطانيا والذي يشير إلى أن الفجوة بين الرجال والنساء تشهد اتساعا مطردا في السنوات التي تلي إنجاب الأطفال. ويضيف التقرير أن السيدات تفوتهن فرص الترقيات ويمتلكن خبرات أقل من الرجال، وهو ما يُحد من قدرتهن على الكسب.
وخلال 12 عاما متتالية، زادت الفجوة حتى بلغت 33 في المئة من معدلات أجور الرجال في الساعة. وفي المتوسط، تتقاضى النساء أجورا في الساعة الواحدة أقل من الرجال بنسبة 18 في المئة، بحسب بحث معهد الدراسات المالية.
وبعد العودة إلى العمل بعد إنجاب أول طفل، يزيد فارق الأجر في الساعة بصورة مطردة. ويقول أوغردي في هذا الشأن: «من المخزي أن ملايين السيدات لا يزلن يتعرض لجزاءات الأجور بسبب الأمومة». وأضاف أن «الكثير (منهن) يجبر على ترك وظائف برواتب جيدة بسبب ضغوط مسؤوليات الرعاية وغياب ساعات العمل المرنة.
تعهد رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون بإنهاء الفجوة في الأجور بين الجنسين، وفي العام الماضي وضع قواعد جديدة تجبر كل شركة توظف أكثر من 250 شخصا على نشر الفجوة في الأجور بين الرجل والمرأة. وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت الحكومة عن خطط تقرر بدؤها عام 2017، سيتيعن بموجبها على نحو 8 آلاف صاحب عمل وأكثر من 250 موظفا الكشف عن عدد الرجال والسيدات في كل شريحة من شرائح الأجور، لرصد ما إذا كانت الفجوة في الأجور عند أعلى مستوياتها أم لا.
وقالت متحدثة باسم الحكومة إن «الفجوة في الأجور بين الجنسين عند أقل مستوى لها غير أننا نعلم أننا في حاجة إلى مزيد من تحقيق التقدم وبصورة أسرع». وبموجب هذه الخطوة، سيتعين الآن على أكبر الشركات الكشف عن المعلومات المتعلقة بالعلاوات وسيتعين أيضا على القطاع العام كشف مستويات المرتبات التي يحصل عليها موظفوها من الجنسين.
تمييز في القطاعات الصناعية والعلمية
وجدت دراسة حديثة أن النساء يتقاضين أجورا أقل من الرجال في 90٪ من القطاعات. وكشفت الدراسة التي أعدت العام الماضي أن المرأة العاملة في القطاع المالي وقطاع التأمين هي الأكثر تضررا.
ويخلص البحث إلى أن الرجال يتقاضون 19٪ أكثر من نظرائهم الإناث في جميع المجالات تقريبا في مجال العمل، كما كشفت الدراسة أن النساء العاملات في القطاعات المالية والتأمين، وكذلك الأدوار المهنية الأخرى، هن الأكثر تضررا من الفجوة في الأجور – وتتقاضى بعضهن ما يقارب من 40٪ أقل من الرجال. وبالمثل، فقد تبين وجود فجوة كبيرة في الأجور في قطاعات الطاقة والمهن العلمية والفنية – وهي مهن لا تمثل فيها المرأة بشكل عادل مقارنة مع الرجل. ومن اللافت في هذه النتائج أن الطالبات في المملكة المتحدة يتفوقن على الطلاب في جميع مستويات التعليم، في المرحلة الجامعية والدراسات العليا – مما يفترض أن يجعلهن يكتسبن مهارات عالية ومؤهلات أكثر من الطلاب الذكور. وإن كانت هناك زيادة في مشاركة المرأة في القطاع الصناعي، إلا أنه لا تزال هناك انقسامات كبيرة بين الجنسين – على سبيل المثال، مقابل إمرأة في قطاع البناء والتشييد، هناك 60 من الذكور.
وقال فيكي بيلت، مساعد مدير هيئة المملكة المتحدة للتوظيف والمهارات: «أبحاثنا تشير إلى أن التمييز المهني هو عامل رئيسي في هذه الفجوة. المرأة ممثلة تمثيلا ضعيفا في عدد من القطاعات والمهن التي تقدم أدوار أعلى أجرا – على سبيل المثال أقل من 10٪ من المهندسين البريطانيين هن من الإناث». وأضاف: «من الجيد أن الحكومة تتحرك لتحقيق المزيد من الشفافية هنا، عن طريق إدخال متطلبات معينة في القطاع العام والشركات الكبرى لنشر المعلومات عن الفجوة في الأجور بين الجنسين. ومع ذلك، من الواضح أن هناك المزيد مما يمكن لأرباب العمل القيام به لخلق فرص أكثر وأفضل للنساء ومعالجة أنماط التمييز الوظيفي». ويذكر أنه في الفترة بين 2005/6 و 2013/14 ارتفع عدد النساء اللواتي يدرسن العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بنسبة 2٪ فقط، في حين نمت بالنسبة للرجال خلال الفترة نفسها بنسبة 24٪. من جهة أخرى، يشير البعض أن النساء الشابات اليوم يتفاوضن على أجورهن وظروف عملهن بنجاح أكبر من النساء الأكبر سنا، وربما ستستمر هذه الحالة حتى يصبحن أكثر تمثيلا في الوظائف العليا.
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة / العمل والاجور
٭ ٭المادة 10
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة لكي تكفل لها حقوقا مساوية لحقوق الرجل في ميدان التربية، وبوجه خاص لكي تكفل، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة:
شروط متساوية في التوجيه الوظيفي والمهني، والالتحاق بالدراسات والحصول على الدرجات العلمية في المؤسسات التعليمية على اختلاف فئاتها، في المناطق الريفية والحضرية على السواء، وتكون هذه المساواة مكفولة في مرحلة الحضانة وفى التعليم العام والتقني والمهني والتعليم التقني العالي، وكذلك في جميع أنواع التدريب المهني.
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل لكي تكفل لها، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة، نفس الحقوق ولا سيما:
(أ) الحق في العمل بوصفه حقا ثابتا لجميع البشر.
(ب) الحق في التمتع بفرص العمالة نفسها، بما في ذلك تطبيق معايير اختيار واحدة في شؤون الاستخدام.
(ج) الحق في حرية اختيار المهنة ونوع العمل، والحق في الترقية والأمن على العمل وفى جميع مزايا وشروط الخدمة، والحق في تلقى التدريب وإعادة التدريب المهني، بما في ذلك التلمذة الحرفية والتدريب المهني المتقدم والتدريب المتكرر.
(د) الحق في المساواة في الأجر، بما في ذلك الاستحقاقات، والحق في المساواة في المعاملة فيما يتعلق بالعمل ذي القيمة المساوية، وكذلك المساواة في المعاملة في تقييم نوعية العمل.
توخيا لمنع التمييز ضد المرأة بسبب الزواج أو الأمومة، ضمانا لحقها الفعلي في العمل، تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة:
(أ) لحظر الفصل من الخدمة بسبب الحمل أو إجازة الأمومة والتمييز في الفصل من العمل على أساس الحالة الزوجية، مع فرض جزاءات على المخالفين.
(ب) لإدخال نظام إجازة الأمومة المدفوعة الأجر أو المشفوعة بمزايا اجتماعية مماثلة دون فقدان للعمل السابق أو للأقدمية أو للعلاوات الاجتماعية.
تقرير منظمة العمل الدولية 2016
يعرض تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة بعنوان «المرأة في العمل: الاتجاهات – عام 2016»، أحدث بيانات المنظمة عن وضع المرأة في أسواق العمل في 178 بلدا حول العالم، كما يدرس العوامل الكامنة وراء هذه الاتجاهات ويستكشف الدوافع السياسية لإحداث تغيير جذري.
ويؤكد التقرير الجديد أنه بالرغم من تحقيق مكاسب عديدة في بعض مناطق العالم فيما يتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل في مجال العمل، إلا أن هناك تحديات جسيمة ما زالت تواجه المرأة في إيجاد العمل اللائق والحفاظ عليه، كما أن تحقيق المساواة في الأجر مع الرجل قد يستغرق أكثر من سبعين عاما حيث يصل معدل ما تكسبه المرأة قياسا للرجل 77 في المئة فقط. بينما تصل نسبة الفرص أمام النساء لدخول سوق العمل 27 في المئة أقل من تلك الفرص المتاحة للرجال.
وفي هذا الشأن، قال لورنس جونسون من منظمة العمل الدولية، إنه وعلى الرغم من المكاسب المتواضعة لا يزال واقع ملايين النساء في بعض المناطق أسوأ مما كان عليه عام 1995، حيث لم تتغير نسبتهن في سوق العمل تقريبا خلال السنوات العشرين الماضية. وأضاف: «على مدى العقدين الأخيرين، لم يترجم تقدم المرأة في مجال التعليم وإنجازاتها إلى تحسينات في عالم العمل.
منقول عن جريدة القدس العربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق