أخر الأخبار

الاثنين، 25 سبتمبر 2017

قطاع الصناعة التقليدية

تعتبر الصناعة التقليدية أو الحرفية بصفة عامة وفي مختلف بقاع العالم مصدر حضارة وفن وثقافة تعبر عن شعب بأكمله، والصناعة التقليدية المغربية هي الأخرى تعتبر مرآة تعكس تراث ضخم وقيم ثقافية وإنسانية مهمة ترتبط بشكل مفصلي مع تاريخ وعادات الشعب المغربي القائمة أساسا على تمازج متبادل بين مكونين أساسين -العربي والأمازيغي- ولعل هذا ما يزيدها تنوعا وغني، فالصناعة التقليدية المغربية تعبر عن إبداعها بمجموعة من الأشكال والمواد المتنوعة من الخشب والجلد، إلى المعادن والنحاس، إلى النسيج والفخار. مواد يتم تحويلها لأشكال مثيرة تعتمد على تقنيات تعود لتقاليد ضاربة في التاريخ استطاعت أن تحافظ على استمراريتها، وهذا ما يجعل الصناعة التقليدية المغربية من بين الصناعات الأكثر حيوية وغني لمجموع دول القارة الإفريقية.


بالرجوع للتاريخ المغربي نجد أن الإنتاج التقليدي/ الحرفي كان يلبي الاحتياجات الأساسية للمجتمع، حيث نجد أنه كان مندمجا بشكل متناغم مع النظام الاقتصادي والاجتماعي للبلاد،
غير أن إقرار نظام الحماية والانفتاح المحتوم للأسواق الداخلية المغربية على المواد المصنعة الأجنبية وما استتبع ذلك من دخول آليات ووسائل الإنتاج الرأسمالية وبداية إرساء النواة الأولى للإنتاج الحديث، كلها عوامل ساهمت في تغيير الهيكلة التنظيمية لمجال الصناعة التقليدية، وهو الأمر الذي أدى مع مرور الوقت إلى إحداث أزمة هيكلية للصناعة التقليدية ككل.
لقد ساهمت هذه التحولات في اعتبار قطاع الصناعة التقليدية، قطاع اجتماعي ذو حمولة ثقافية أكثر من اعتباره قطاع اقتصادي يتطلب استثمارات إنتاجية داعمة لخلق الثورة والعمل، غير أنه وبالرغم من هذه التحديات والسياسات المتعاقبة، فإن القطاع سجل تطورا مهما خلال السنوات الأخيرة، حيث نجد أنه اليوم يمثل مرجعية مهمة على مستوى توفير فرص العمل وتطوير الدخل الفردي لفئات عريضة من المجتمع.
تعتبر اليوم ص.ت رافعة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وتنشيط التنمية السوسيو- اقتصادية. وبالرغم من هذا المعطى الواقعي فإن حجم إنتاج القطاع يبقى من الصعوبة بما كان تقيمه، وذلك لسببين على الأقل، فمن جهة يعد قطاع ص.ت قطاعا غير متجانس ويتداخل بشكل كبير مع قطاعات أخرى، وهو الأمر الذي يجعل من الصعب رسم حدود فاصلة لأنشطته، ومن جهة أخرى نجد أن معظم الصناع والصانعات لا يتوفرون على نظام حسابات دقيق
وعصري. وإذا ما تجاوزنا هذه الإشكالات، فإن قطاع ص.ت قدرت إنتاجيته في السنوات الأخيرة بحوالي 19% من الناتج الداخلي الخام مقابل 2،8% غداة الاستقلال، ذلك أن صادرات القطاع انتقلت من 11 مليون سنة 1956 إلى 374 مليون سنة 1980 لتتجاوز 600 مليون درهم حاليا، وهذا ما يجعل القطاع يؤمن شروط العيش لأكثر من 1،5 من الساكنة النشيطة الوطنية، وبمساهمة تقدر ب 1% من مجموع الصادرات الوطنية، وبذلك، واستنادا على هذه المعطيات لا يستطيع أحد أن ينفي أن قطاع ص.ت يبقى مكونا أساسيا من مكونات النسيج الاقتصادي المغربي ببعد اجتماعي قوي.
تقدر اليد العاملة بقطاع ص.ت بحوالي 2 مليون شخص، مما يجعل القطاع ثاني مشغل بعد قطاع الفلاحة، ونجد أن أغلبية اليد العاملة تتمركز بالمجال الحضري في حين أن اليد العاملة في المجال القروي تبقى غير محددة بشكل دقيق، ذلك أن الأنشطة التقليدية بالمجال القروي تبقى موسمية وغير مصرح بها على أساس أنها مهنة/حرفة دائمة وهذا ما يجعل الأنشطة العائلية ذات الصلة بالصناعة التقليدية تبقى خارج أي تقديرات اقتصادية/مرقمة.
يقوم قطاع ص.ت بشكل أساسي على وحدات الإنتاج المستغلة من طرف أشخاص يشتغلون لحسابهم بشكل فردي أو بمساعدة أفراد من العائلة أو متعلم/متدرج بدون أجر. ومن تم فإن المكون الأساسي للعاملين بالقطاع يتشكل أساسا من الصناع الفرادى بحصة 77% منهم في المجال الحضري و 11 % منهم في المجال القروي، وبصفة عامة فإن التقاليد المهنية العائلية تبقى محدد مهم في قطاع ص.ت لاختيار الحرفة، فالحرف تتوارث من جيل لأخر مما يجعلها مكون اجتماعي أساسي في المجتمع المغربي.
وبشكل عام مازال قطاع ص.ت لم يحضى بالأهمية التي يستحقها بوصفه فاعل اقتصادي، ذلك أن هذا القطاع يطغى عليه مجال الاقتصاد غير المهيكل مما لا يسهل عملية مخاطبته كقطاع اقتصادي قائم الذات. ومع ذلك فالقطاع له دور محوري سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية.
منقول من موقع غرفة الصناعة التقليدية لجهة مراكش - اسفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق